الرسول محمد.. أنجح قائد وأعظم مجاهد

عمران نت –تقارير– 14ربيع الأول 1443هــ

لقد لخص القرآن الكريم شخصية الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) المتكاملة بقول الله سبحانه وتعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) فقد كان الإعداد الإلهي لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) منذ بواكير حياته يقتضي أن يكون هذا الشخص في موضع القدوة والأسوة ليس في ميادين الأخلاق والسجايا الحميدة ولكن أيضاً في ميادين الجهاد والاستبسال في مقارعة الطاغوت فقد كان (صلوات الله عليه وعلى آله) أنجح وأعظم قائد عرفه التاريخ فقد أستطاع أن يؤسس أعظم دولة في زمن قياسي لأنه كان ينطلق من توجيهات الله ويتحرك بحركة القرآن الكريم فكل حركة من حركاته تعطي مؤشر هداية ليس لأولئك الناس الذين كانوا في عصره وإنما للناس إلى آخر أيام الدنيا.

 

ولأننا اليوم نخوض حرباً مقدسة في مواجهة طواغيت الجاهلية المعاصرة فنحن بأمس الحاجة إلى أن نستلهم من حركته (صلوات الله عليه وعلى آله) كيف نتحرك وكيف نعمل وكيف نجاهد.

 

الرسول تحمل مسؤوليته ولم ينكفئ على نفسه

 

رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، في موقعه ومقامه العظيم، كرسول الله، حركته تعبر عن التوجيهات الإلهية، وتجسد التعليمات الإلهية في الأرض، وملهمة وهادية، ويبنى عليها رسم معالم هذا الدين، ومعالم مسؤولياته التي ينبغي أن تسير عليها الأمة وأن تحذو حذوه فيها الأمة.

 

لم يكن بإمكان رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله في مواجهة تلك التحديات أن ينكفئ على نفسه وأن يتجاهل الواقع من حوله، وأن يعتكف في مسجده يتفرغ للدعاء والذكر ثم لا يتحرك ولا يتجه إلى هذا الواقع، ولا يتحرك لمواجهة هذا التحدي، لا، هذا بحد ذاته درس مهم،

 

البعض لديهم قصور في فهم معنى الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، فالالتجاء إلى الله عندهم حالة منفصلة عن العمل وتحمل المسؤولية، وحالة يبررون بها تنصلهم عن المسؤولية، ويجعلون من حالة الدعاء والذكر وسيلة لتبرير تنصلهم عن تحمل المسؤولية، وهذا أمر غير صحيح، لو كان متاحا لأحد لكان متاحا لرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، الذي هو أعظم الناس قربة إلى الله واستجابة لدعائه، فلو كان الدعاء بديلا عن تحمل المسؤولية وعن مواجهة التحدي وعن التضحية والعمل لكان هو الأولى بأن يستجيب الله له دعاءه من دون أن يواجه أي عناء أي متاعب، من دون أن يخوض الأخطار، من دون أن يواجه التحديات

 

 

 

سعي الرسول لامتلاك كل وسائل القوة

 

الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) كان يمتلك سيفا ويمتلك درعا ويمتلك وسائل عسكرية ويحرك المؤمنين معه ليمتلكوا القدرة العسكرية بأقصى ما يستطيعون، ويسعى بكل جهد إلى أن يكون واقعه وواقع أمته من حوله قائما على القوة وقائما على العزة والمنعة والكرامة، ويتحرك على هذا الأساس،

 

الرسول صلوات الله عليه وعلى آله في حركته في مواجهة التحديات، في مواجهة الطاغوت والاستكبار يمثل القدوة العظيمة للأمة، في زمنه وبعد زمنه وليس في عصره فقط، وهذا ما لوحظ التأكيد عليه في القرآن الكريم في آيات متعددة، فنجد مثلا في سورة التوبة وهو ينتقد المتخلفين والمتخاذلين من أهل المدينة: (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ)، هذا انتقاد عليهم في تخلفهم، نجد أيضا في سورة الأحزاب في عرض أحداث الأحزاب وغزوة الأحزاب وما كان فيها من الشدة والمعاناة والمتاعب والدور المحوري والرئيسي للرسول صلوات الله عليه وعلى آله في التصدي للأخطار والتحرك الجاد لمواجهة ذلك التحدي، في نفس السياق يأتي قول الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، والبعض ركزوا جدا في سياق هذه الآية على التأسي في الأمور البسيطة جدا والسهلة جدا، مطلوب أن نتأسى بالرسول في كل الأحوال، في كل ما يطلب منا الاقتداء به فيه.

 

 

 

الرسول قائد وقدوة

 

رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، هو القدوة الأول والمعلم الأول، هكذا كان رسول الله الذي علينا أن نقتدي به، ولا نكون فعليا في حالة اقتداء برسول الله صلوات الله عليه وعلى آله إذا أتيتنا جانب رئيسي في هذا الدين وجانب تحمل المسؤولية وحاولنا أن تتنصل عنه كليا أو عن تفصله عن التزاماتك الدينية والإيمانية والأخلاقية وننطلق فيه بدافع آخر وعناوين أخرى واهتمامات أخرى ومن دون التزام ديني وإيماني وأخلاقي، بل محاولة للتجرد من ذلك والتحرك وفق هوى النفس ووفق اعتبارات أخرى، عصبيات، أهواء، رغبات، اعتبارات ثانية، هذه مسألة خطيرة لأن الحالة البارزة في الساحة الإسلامية لدى فئات كثيرة وليس لدى الجميع، لدى فئات كثيرة، إما أنهم جمدوا هذا الجانب وانكفئوا عنه في واقع الحياة وخرج عن اهتمامهم كليا، فمسألة قضايا الأمة الكبرى، مسألة العمل لإقامة الحق، للمواجهة للطاغوت والاستكبار، للعمل على تحرير الأمة وإنقاذها من أعدائها خرج هذا عن اهتمامهم كليا، يعني البعض يعتبر نفسه غير معني بهذه المسألة لا من قريب ولا من بعيد،

 

فالرسول هو في موقع القدوة أنه ما ينبغي لأحد من أمة هذا الرسول صلوات الله عليه وعلى آله أن يتخلف عن رسول الله الذي تحمل المسؤولية، الذي جاهد الذي عانى الذي ضحى، الذي صبر وصابر، الذي واجه التحديات الكبيرة، الذي صمد وثبت في مواجهة قوى الطاغوت والاستكبار العالمية والمحلية والإقليمية حسب التعبير السياسي المعاصر، كلها من مشركي قريش إلى الروم، الكل واجهوه والكل حاربوه ولكنه صمد وثبت وتحرك، بهذه القيم والمبادئ العظيمة التي كان لها أبلغ الأثر في قيام الأمة الإسلامية وفي انتصار هذا الدين

 

 

 

مواجه حركة النفاق

 

الدرس مهم جدا الرسول صلوات الله عليه وعلى آله عندما تحرك واجه جملة من الاعتراضات وأكثر من مسألة الاعتراض الانتقادات الشديدة التثبيط والتخذيل، أولا على مستوى الانتقاد يقول الله سبحانه وتعالى {وَإِنَّ فَريقًا مِنَ المُؤمِنينَ لَكارِهونَ * يُجادِلونَكَ فِي الحَقِّ بَعدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقونَ إِلَى المَوتِ وَهُم يَنظُرونَ} [الأنفال: 5-6] وهذا الكره، الخروج وهذه المجادلة ومحاولة الإقناع للنبي صلوات الله عليه وعلى آله بالتراجع عن موقفه ناتجة وناشئة من رؤية قاصرة ومن فهم محدود لطبيعة المعركة ولطبيعة الصراع مع قوى الطاغوت والاستكبار {يُجادِلونَكَ فِي الحَقِّ} [الأنفال: 6] ويقول أيضا {بَعدِ ما تَبَيَّنَ} [البقرة: 109] لأن المسألة مسألة نفسية بالدرجة الأولى والكثير من الناس تؤثر عليهم الحالة النفسية ليبنوا عليها مواقف خاطئة أو يسعوا من خلال ذلك إلى فرض قرارات خاطئة سعي لمحاولة التأثير على حركة الرسول والمؤمنين معه {إِذ يَقولُ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ غَرَّ هٰؤُلاءِ دينُهُم ۗ وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ} [الأنفال:49]

 

أما هم هذه الفئة فئة المنافقين وفئة الذين في قلوبهم مرض فكان عملهم في الساحة للتخذيل والتثبيط والانتقاد الشديد والتشكيك في جدوى المعركة، يقول لك: ليس هناك فائدة تماما، خلاص ، ليس أمام الناس خيار إلا الاستسلام، أما الخروج والحركة والموقف فمغامرة وانتحار وعمل عبثي لا جدوى له، و لا فائدة له لا نتيجة منه، وهذه الفئة تتحرك في الساحة في كل زمان في كل زمان فئة المنافقين وفئة الذين في قلوبهم مرض تتحرك في الساحة للتخذيل للتثبيط للإرجاف للتهويل لهز المعنويات لكسر الإرادة في كل عصر وفي كل زمن ولا سيما إذا كان هناك تحديات كبيرة وأحداث كبيرة وأحداث مصيرية .

 

معيار القوة في حركة الرسول

 

في حركة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله والمؤمنين معه كانت المعايير التي اعتمد عليها في موقفه وكذلك الاعتبارات التي انطلق من خلالها في حركته كلها إلهية كلها حسب التوجيهات الإلهية ولذلك مثلا لم يعتمد في حركته صلوات الله عليه وعلى آله على نظرة التكافؤ المادي والتكافؤ في العدد والعدة فيما بينه وبين العدو.

 

كانت إمكانات العدو كبيرة وكان عددهم أكثر وكانت إمكانيات المسلمين إمكانيات متواضعة وكذلك كان عددهم أقل فما الذي اعتمد عليها الرسول والمؤمنون معه؟.. يقول الله {إِذ تَستَغيثونَ رَبَّكُم فَاستَجابَ لَكُم أَنّي مُمِدُّكُم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُردِفينَ * وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلّا بُشرىٰ وَلِتَطمَئِنَّ بِهِ قُلوبُكُم ۚ وَمَا النَّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ} [الأنفال: 9-10] يأتي الدعاء وتأتي الاستغاثة بالله سبحانه وتعالى والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى في هذا السياق العملي مع التحرك مع العمل مع تحمل المسؤولية ولا بد من هذا الجانب أيضا لا بد من الدعاء ولكن مع تحمل المسؤولية مع الحركة مع الفعل مع العمل مع الموقف والالتجاء إلى الله والاستغاثة بالله سبحانه وتعالى مسألة أساسية لخوض الصراع في مواجهة التحديات والانطلاقة بهذا الإحساس بهذا الشعور وبهذا الوجدان أنا ننطلق ونحن نعتمد على الله ونحن نراهن على الله ونحن نتوكل على الله ونحن نثق بالله أنه خير الناصرين وأنه نعم المولى ونعم النصير وأنه كفى به وليا وكفى به نصيرا، وأنه إذا وفرنا في واقعنا الأسباب المعنوية والعملية للنصر يتوفر النصر.

مقالات ذات صلة